responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 553
تحارب به الجريمة التى حرّمتها كل الأديان، ويحقق ما جاءت به التوراة والإنجيل والكتب السماوية جميعا، ولا يصطدم مع نص من نصوصها، ولا يتعرض للمؤمنين بها فى عقيدة ولا عبادة ولا عمل من الأعمال، فهل يكره أحد الإصلاح الاجتماعى الذى يحقق فعلا ما يريده دينه، وما نص عليه كتابه لمجرد أنه ورد فى القرآن أو أوحى به الإسلام، ومن يكون المتعصّب إذن فى هذه الحال؟!!

[مشكلة الأجانب]
أما الأجانب فنريد أن نسأل من يرون فى تطبيق هذه الأحكام صعوبة بالنسبة لهم:
ماذا يطبق علينا الأجانب فى بلادهم من قوانين؟! ..
فإن قالوا: يطبقون قوانينهم. قلنا: فلماذا لا نطبق عليهم نحن قوانيننا؟ .. ولماذا لا نضع أنفسنا معهم على قدم المساواة، وما الذى يدعونا أن نستشعر أنا أقل منهم وأضعف؟ ..
وإن قالوا: يطبقون قوانيننا. قلنا: فلنطبق عليهم قوانينهم، ويكون ذلك امتيازا بامتياز، على أن الأمر الواقع أنهم يطبقون علينا قوانينهم، ولا يعترضون إن طبقنا نحن عليهم قوانين البلاد، ولا يحتاج الأمر منا إلا أن نؤمن بتشريعنا وأنفسنا.

[مدى صلاحية الشريعة الإسلامية]
ويقال: كيف نطبق شريعة مضى عليها ألف عام أو تزيد؟ ..
والجواب على هذا: أن هذه الشريعة نفسها قد احتاطت لهذه الأغراض فلم تورط نفسها فى جزئيات الأمور، ولم تتحكّم فيما يتجدّد بتجدّد الحوادث والأعصار، وجاءت على نسق جعلها أعظم الشرائع مرونة وقبولا للتطور مع الأزمان والصلاحية للحكم فى كل عصر ومكان حتى أثر عن أئمتها الأجلاء قول بعضهم:" تحدث للناس أقضيتهم بقدر ما أحدثوا من الفجور" [1] وما نصّ عليه فيها من عقوبات لا تتجاوز عدد أصابع اليد لجرائم أساسية وجدت مع الغريزة الإنسانية، ولا يمكن كبحها إلا بهذا الأسلوب من التشريع الحازم الجرىء، ومن قرأ كتب الفقه الإسلامية علم وصدّق ما نقول، وأدرك جلال ما فيه من مرونة ودقة وانفساح واتّساع، وقابلية لكل الظروف والأحوال.

[1] قالها عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 553
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست